الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة فيلم "بيدون 2" للجيلاني السعدي: نقطة استفهام في الدورة 25 لأيام قرطاج السينمائية

نشر في  08 ديسمبر 2014  (12:04)

أثار فيلم "بيدون 2" للمخرج جيلاني السعدي جدلا واسعا حتى قبل عرضه لا لشيء سوى لانه الفيلم التونسي الوحيد المشارك في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة في أيام قرطاج السينمائية، هذا الفيلم صنع الحدث ايضا من خلال الفوضى العارمة التي رافقت عرضه الاول بالمسرح البلدي وكذلك خلال العرض الثاني بقاعة ابن رشيق، حيث فاقت اعداد الجماهير الغفيرة الراغبة في مشاهدة "بيدون2" طاقة استيعاب قاعات العرض.
وقبل التطرق الى موضوع الفيلم نذكر ان "بيدون 2" هو الفيلم الطويل الرابع للجيلاني السعدي بعد "وينو بابا" و"عرس الذيب" و"خرمة".
على موسيقى "شيري حبيتك" وصورة مقلوبة للرئيس المخلوع بن علي، تنطلق قصة الفيلم، قصة عبدو الذي هجرته حبيبته وعايدة التي تحدت عائلتها وخرجت لتكتشف العالم في شوارع وأزقة العاصمة، في الاثناء ترافق هذا الرحلة خلفية صوتية لمداولات المجلس التأسيسي السابق ومناقشات النواب حول فصل تحريم التكفير والحديث عن التطرف الديني، وكأن بالسعدي اراد تسليط الضوء حول المشاكل الحقيقية للشاب التونسي الذي يعيش غربة في بلاده وبين اهتمامات رجال السياسة.
عبدو وعايدة يجوبان الشوارع ويكتشفيان العالم الخفي والمخيف للبلاد في سيارة مهترئة، يعيشان تناقضات عديدة فعايدة الفتاة المتمردة والتي تهوي النوم على قارعة الطريق وفي المنازل المهجورة والكهوف هي نفس الفتاة التي ترفض ان يقترب منها اي شاب او ترتكب الخطيئة، عبدو هو الشاب السكير الذي يغتصب حبيبته بمساعدة عايدة التي تقتحم بيتها وتشدها وتغمض عينيها، وهو الشاب الذي يمارس العادة السريّة وفي نفس الوقت هو الشاب المتصوّف والذي يحاول الاقتراب من الله عبر محاولة فاشلة للانتحار ، في الفيلم ايضا نستمع الى اغنية كافون "حوماني" والى ابتهالات دينية، تنقاضات تعكس انقسام الشعب التونسي ابان الثورة وحالة التململ والحيرة التي يعيشها الشاب التونسي .
عايدة ( سارة الحناشي) وعبدو ( مجدي مستورة) يفترقيان ثم سرعان ما يجتمعان، وبين هذا وذاك نجد شخصية كهل يرتدي مجرّد سترة بنفسجية اضافة الى كونه غريب الاطوار، صامت منذ بداية الفيلم الى نهايته يرافق الشخصيتين منذ البداية الى ان يلتقي بهما بصفة مباشرة، تتعلق به عايدة وتحاول انقاذه بعد ان صدمه عبدو بسيارته ولعل هذا الشخص الغامض الذي جسد شخصيته مخرج العمل الجيلاني السعدي ماهو الى المنشود الذي نبحث عنه ونعجز عن فهمه.
اخراج ضعيف وسيناريو متواضع.
اول سؤال يخطر على بالنا بمجرد الانتهاء من مشاهدة بيدون 2 للجيلاني السعدي هو حول المعايير التي رشحت على اساسها لجنة اختيار الافلام هذا العمل للمشاركة في المسابقة الرسمية، حيث لاحظنا كما لاحظ جلّ النقاد ان هذا العمل السينمائي يفتقر الى الحبكة السينمائية والى الطرح القوّي، كما غاب عنه التسلسل في سرد الاحداث، حيث ان جل المشاهد مسقطة على العمل، كما ان السيناريو والحوار ضعيف جدا،
بيدون 2 فيلم اصبح جاهزا للعرض قبل أيام قليلة من افتتاح الدورة 25 لأيام قرطاج السينمائية وهو الذي يطرح اكثر من نقطة استفهام فهل اعتمدت لجنة اختيار الافلام على سيناريو الفيلم فقط ام في الامر سرّ نجهله؟؟
الجيلاني السعدي اعتمد في هذا العمل على تقنية الكاميرا المحمولة وهي تقنية تعبر عن توتر وقلق في الأحداث ولدى الشخصيات، لا شيء مستقر، أو مطمئن، بل يسيطر الارتباك والتعثر والتساؤل والتداخل... إنه الواقع الذي تحققه الكاميرا المحمولة على نحو أدق، لكن ما لاحظناه ان غياب التسلسل في الاحداث، وغياب القصة اثر على هذه التقنية التي لم تؤدي وظيفتها الرئيسية  ..
ختاما هذا العمل لم يحرز ولو على جائزة وحيدة في هذه الدورة، وحرم بالتالي العديد من الاعمال السينمائية الجيّدة من التتويج على غرار فيلم "مرّ وصبر " لنصر الدين السهيلي الذي لم يعرض في المسابقة الرسمية رغم جودته على مستوى الاخراج السيناريو والاداء ..

سناء الماجري